يمكن واحد من الترندات العالمية اليوم هو خبر جاي من مدينة ماجالجون الهندية، مجموعة من القرود قامت بقتل 250 كلب في أحد القرى كرد فعل انتقامي على قيام أحد كلاب القرية بقتل أحد أطفال القرود، وسيلة القتل كانت واحدة وهي الإلقاء من أعلى البيوت أو الأشجار، وقرأت أنه القرود استهدفت الكلاب الطفلة.

شيء قد يستغربه البعض، لكن في عالم الحيوان هتجد أن الإنتقام هو صفة موجودة خاصة في الرئيسيات، دارسو سلوك القرود بيجدوا من حين لآخر أن لو أحد أفراد مجموعة من القرود قتل فرد من مجموعة أخرى فالانتقام لا يكون فقط بقتله بل ربما قتل أفراد آخرين ملهمش علاقة بالأمر زي أولاده أو أفراد قبيلته.
بل ربما هتستغرب لو عرفت أن عالم الشمبانزي شهد من قبل أحد صور الحروب، وهنا بالطبع بتكلم عن “حرب جومبي” أو حرب الأربع سنوات لأنها استمرت من سنة 1974 لسنة 1978، وكانت بين مجتمعين من الشمبانزي في منتزه جومبي ستريم الوطني في تنزانيا، واحد منهم بيسيطر على شمال المنتزه والتاني على جنوبه، الغريب في الأمر أن المجموعتين دول كانوا مجموعة واحدة وحصل بينهم صدع اجتماعي فانفصلا، والأمر تطور للحرب بعد 3 سنوات، وكانت مذبحة بالمعنى الحرفي للكلمة لم تشهد قتل فقط بل تمثيل بالجثث!
شيء غريب، لكنه علطول بيلفت انتباهي للبشر، في رواندا بين أبريل ويوليو 1994، قبائل الهوتو قتلت مليون شخص من قبائل التوتسي، معظم حالات القتل كانت بالساطور، إلى جانب مئات الآلاف من حالات الاغتصاب، في مجزرة كانت الجملة الأشهر والأكثر تكرارا خلالها في الراديو هي: “تخلّص من الصراصير”، في اشارة إلى أن قتل التوتسي وكأنه تخلّص من الصراصير التي لا قيمة لها.

وهنروح بعيد ليه، في مارس 2019 فاكرين اللي حصل؟ حادث قتل حوالي 50 مواطن نيوزيلاندي مسلم في مسجد النور بمنطقة كرايست تشيرش، الارهابي “برينتون تارانت”، وقت القتل وهوّا ماشي يفرم في الناس كان بيقول “تخلّص من الكباب”!

سارة هاردي، متخصصة الأنثروبولوجيا والرئيسيات من جامعة هارفارد، بتاخد الأمر لحتّة تانية وبتضرب مثال مهم، بتقول فيه: لنفترض أنك دلوقت في طائرة مزدحمة بالركاب، فيه هرج ومرج وأصوات عالية وأنت جعان جدا، لكن مش عارف تحصل على وجبة العشاء بسهولة بسبب الزحمة دي، مش بس كده، في أثناء ده كله فيه طفل ما، عمره بتاع أربعة شهور، لا يتوقف عن البكاء، بيحاول الناس إيقافه بكل الطرق الممكنة لكن الواد دماغه جزمة قديمة، وأنت قاعد في كرسيك على مسافة دقيقة واحدة من الانفجار، لكن هل ستفعل ذلك؟”

اللي بتحكيه هاردي هو مشهد مألوف في رحلات الطيران، لكن مفيش حد بينفجر، بل بيتحمل الناس الأمر ويحاولون تهدئة الأوضاع، بس فيه سؤال: ماذا لو كان سكّان تلك الطائرة من الشيمبانزي، هل كانوا هيستحملوا؟
بالطبع لا، ستصل الطائرة إلى المطار وبها عدد لا بأس به من الجثث المقطعة إربا، تستخدم هاردي المثال لتقول لنا: “نحن أكثر طيبة من أقرب رفاقنا في هذا العالم”.
أيوة، رغم كل ما تراه من عنف وغضب في هذا العالم، رغم كل البؤس، رغم كل الإزدحام اللي بيشوّه أفكارك عن الانسانية، بداخلنا شيء طيّب، شيء بيميزنا عن محيطنا من عالم الحيوان، لما بيختفي بنصبح أسوأ كائن، لكن بيظهر امتا الشيء ده؟
في كتابه “الملائكة الطيّبة لطبيعتنا” بيقول ستيفن بينكر، عالم النفس الإدراكي ومتخصص اللسانيات الشهير من هارفارد، ان البشر امتلكو دائمًا ملائكة أربعة، يقصد أربعة سلوكيات، كانوا دائما ضهر لينا، وحمونا من السقوط في ظلمات الجهل والفقر والمرض رغم كل الكوارث، لما بنتركهم بنبقا مثل قرود ماجالجون أو رجال الهوتو أو تارانت، ولما بنهتم بيهم بنطلع لقدام وبننتصر لطباعنا الطيّبة، السلوكيات أو الصفات الأربعة دي هيا:
الحس الأخلاقي، والتعاطف مع الآخرين، والتحكم في النفس، والحس العقلاني.