ما هو دور الاختلاف في اثراء الفكر

بواسطة:
مارس 15, 2023 6:35 م

دور الاختلاف في اثراء الفكركما نعلم أن الاختلاف قاعدة كونية متأصلة في الإنسان منذ بداية الخلق ، فعندما خلق الله البشر خلقهم من جنسين مختلفين ، ذكر وأنثى ، وكان ذلك للحكمة التي عرفها الله تعالى ، والفرق بين البشر. يتم تمثيله بعدة اشياء لكننا لن نتطرق الى كل الفروق بين البشر في مقالتنا لانه من اجل الموضوع وشموله في هذا المقال سنتطرق الى نوع واحد فقط من هذه الاختلافات وهو الاختلاف الفكري ، الأمر الذي يؤدي دائمًا إلى اختلاف في الرأي ينشأ من خلافات بين الناس ، لذلك يجب على كل فرد أن يعرف قيمة الاختلاف ، ودوره في إثراء الفكر ، وكيفية ترويضه لمصلحته.

ما المقصود بالاختلاف الفكري

يُعرَّف الاختلاف عمومًا بأن كل شخص يتخذ نهجًا مختلفًا عن الآخر ، سواء كان ذلك في أقواله أو أفعاله ، ويأتي الاختلاف نتيجة تنوع الثقافات والتنوع الفكري لدى الناس ، والاختلاف أو التنوع الفكري في تُعرَّف اللغة على أنها اختلاف في الثقافة الإنسانية ، وطريقة تفكيرهم ورؤية الأشياء المختلفة من شخص لآخر ومن مجموعة إلى أخرى ، ويشير الاختلاف الفكري في المصطلح إلى تنوع الآراء والأساليب التعبيرية بين الناس ، مما ينعكس تأثيراً إيجابياً على المجتمع من خلال خلق الإثراء المعرفي والفكري وتنوع روافده ، ويعتبر التنوع الثقافي للأمة الواحدة من مصادر قوتها ، وفي بعض الأحيان يؤدي الاختلاف بين الناس إلى ينازع.

الاختلاف في القرآن الكريم

قال تعالى إن الدين الإسلامي هو الدين الوحيد الذي دعا إلى الوحدة والأخوة بين جميع البشر ، وحذر من الفرقة والعداوة. وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَوقال تعالى ، وعلى الرغم من تأكيد الإسلام على تلك الأخوة والوحدة ، إلا أنه أكد على وجود اختلافات متعددة بين البشر. يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌأشار الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز إلى الراي بالذات وقال إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍوكان يتحدث عن اختلاف الرأي عند نزل القرآن الكريم بين الحق والباطل.

من الآثار الإيجابية للتنوع الثقافي في المملكة

دور الاختلاف في اثراء الفكر

أثبتت الدراسات والأبحاث التي أجراها علماء النفس وعلماء الاجتماع في العقود الأخيرة أن المجتمعات التي تتنوع فيها الثقافات لديها قدرة أكبر على الإبداع والابتكار مقارنة بالمجتمعات التي تفتقر إلى التنوع الثقافي والفكري ، وإيجابيات الاختلاف في المجتمعات هي كما يلي :

  • يساعد الاختلاف الفكري في خلق بيئة تعددية تشجع الناس على أن يكونوا فضوليين مما يؤدي إلى إثراء الفكر.
  • يتيح التعرف على الأفكار ووجهات النظر المختلفة ورؤية نفس المعلومات من عدسات أخرى للفرد التنقل في مناطق فكرية غير معروفة داخل عقله ، واكتشاف مهارات إبداعية وفلسفية جديدة تؤدي إلى التألق والنجاح.
  • تؤدي عملية إثراء العقل من خلال التعرض لأفكار مختلفة إلى تطوير الجهاز العضلي الفكري للإنسان.
  • يؤدي اختلاف وجهات النظر إلى خلق مناظرة بناءة وصراع ، الأمر الذي يؤدي إلى انسجام فكري بين الأفراد نتيجة تبادل الأفكار المختلفة ، حيث يترك الشخص المحادثة حاملاً فكرته وأفكار المشاركين معه.
  • يساعد الاختلاف في الرأي على تكوين المحادثات بفاعلية مدروسة ، وظهور حلول جديدة لحل المشكلة ، كما يساعد على فتح آفاق جديدة في ذهن الشخص تجاه موضوع معين.
  • ثراء المجتمع متعدد الثقافات والأفكار.
  • تحقيق النهضة الاجتماعية الناتجة عن القدرة الفكرية.
  • الاختلاف يقوي الجانب الحرج للناس.
  • يساعد الإثراء الفكري الناتج عن تبادل الأفكار على زيادة الإنتاجية المجتمعية.

كيفية تعزيز دور الاختلاف في اثراء الفكر

ولكي يتمكن الناس من تعزيز دور الخلاف في إثراء الفكر ، يجب عليهم الالتزام ببعض الأخلاق الخاصة بأخلاق الخلاف ، والتي تشمل النقاط التالية:

  • تقبل الاختلاف: من الممكن أن يختلف شخصان ويكون كلاهما على حق ، لكن كل منهما ينظر إلى الأمر من وجهة نظر مختلفة ، لذلك ليس خطأ الناس في الاختلاف ، بل يمدحوه ، لأنه أحيانًا يكون مفيدًا. كطريق يؤدي إلى اليمين.
  • العذر بالجهل: وقول الآخر خاطئ لا يعني أنه يتعمد التمسك بالخطأ ، بل قد يكون جاهلاً بما هو صواب.
  • العذر بالاجتهاد: قد يكون الشخص الآخر قد عمل باجتهاد على شيء لم يثبت بالدليل حتى توصل إلى هذا القول.
  • الرفق في الاختلاف: من الضروري انتقاد الرأي الآخر برفق ورفق.
  • عدم الحديث بغير علم: إذا لم يكن الشخص واثقًا تمامًا في رأيه وشكك في صحته ، فعليه أن يؤكد صحة حديثه قبل الكشف عنه في مجالس المعرفة أو المناظرات.
  • الابتعاد عن النقد الشخصي: يجب على الإنسان أن يبتعد عن انتقاد شخصية من يختلف معه في الرأي ، ولكن فقط ينتقد الرأي المقدم دون المساس بالأبعاد الشخصية ، والأفكار الأخرى دون الرأي الذي هو نقطة الخلاف.
  • أدب الحوار: التزم بالآداب أثناء المناقشة ، واحترم الشخص الآخر إذا كان أكبر سنًا ، وكن لطيفًا معه إذا كان أصغر سنًا.

فوائد المعرفة أعظم من فوائد المال

متى يصبح دور الاختلاف في اثراء الفكر دورًا فعالًا

قد يختلف شخصان ولا يستفيد أحدهما من هذا الخلاف ، لذلك لا بد من مراعاة بعض الأمور التي تجعل دور الاختلاف في إثراء الفكر فعالاً:

  • يجب على كل شخص تقديم الأدلة والبراهين التي تدعم الرأي الذي يقدمه حتى لا تنتهي المحادثة سدى.
  • دراسة الفكرة أو الرأي المطروح أولاً قبل عرضها حتى لا يضلل الشخص غيره بغير علم.
  • اختيار الكلمات الدقيقة عند عرض المعلومات.
  • التركيز على الرأي أو القضية قيد المناقشة دون الالتفات إلى الخلافات الشخصية.
  • الاستماع إلى الشخص الآخر عند التحدث وتجنب مقاطعته.

أقسام الخلاف من حيث الدوافع

وينقسم الخلاف من حيث الدافع الداخلي للإنسان إلى عدة أقسام:

  • خلاف أملاه الهوى: وهذا النوع من الخلاف مستهجن لغلبة الهوى على الحقيقة ، وهناك دوافع كثيرة ، قد يكون الدافع تحقيق مصلحة شخصية أو ربما يكون بسبب حب الشخص للظهور.
  • خلاف أملاه الحق: هذا انتهاك إلزامي ، لأن هدفه ظهور الحقيقة.
  • خلاف يتردد ما بين المدح والذم: وهو الخلاف القائم على اجتهاد كل شخص دون وجود دليل واضح على هذا الأمر في المقام الأول.

فوائد الاختلاف

والاختلاف في معناه الإيجابي الذي يساهم في إثراء الفكر له فوائد متعددة على النحو التالي:

  • رياضة للأذهان: حيث أنه يحث العقل على التفكير ، وينير مسارات جديدة له.
  • تلاقح الآراء: مما يؤدي إلى ظهور أفكار جديدة ولدت من هذا الاختلاف النشط.
  • تعدد الاحتمالات: يساعد الاختلاف الشخص على التعرف على الاحتمالات الجديدة التي لم يتم أخذها في الاعتبار.
  • ظهور افتراضات جديدة: حيث يفتح النقاش مسارات مختلفة تساعد العقل على الوصول إلى الافتراضات التي يمكن أن تصل إليها العقول الأخرى.
  • تعدد الحلول: قد يجن الفارق أحيانًا ثماره الرائعة في ظهور حلول جديدة أمام الشخص لإرشادهم إلى الحل الصحيح.

أسباب نشأة الاختلاف الفكري

قد يكون الاختلاف بين الشخص والآخر اختلافًا فطريًا نشأ مع الشخص منذ ولادته ، وقد يكون فرقًا مكتسبًا ناتجًا عن عدة عوامل منها:

  • – الاختلاف في المعتقدات التي يتبناها الإنسان مما يؤثر على آرائه وأفكاره.
  • تأثير الظروف البيئية المختلفة التي يعيش فيها الناس.
  • الاختلاف في المكانة العلمية.
  • تجربة تجارب وظروف حياتية مختلفة.
  • اختلاف الميزان فيختلف رأي الناس في الأمر وحكمهم على الصواب والباطل.

المقبول والمردود من الاختلاف

كما نعلم أن سنة الله في خلقه أنه خلقهم بعقول وطرق مختلفة ، ولكن لديهم أيضًا لغات وألوان وأفكارًا وخيالات مختلفة ، وكل هذه الاختلافات تؤدي إلى اختلاف في وجهات نظرهم وأحكامهم على الأشياء. ، وكان هذا دليلًا على قوة الله ، لذلك إذا فكر الإنسان جيدًا ، وجد أن التنوع في مظاهر الحياة التي تحيط بنا اليوم لم يكن ليوجد لو كان الله قد خلق الناس ، فإن هذا الاختلاف بين البشر هذه الأيام جزء لا يتجزأ للظاهرة الكونية ، إذا لم تتعدى آدابها ، فسيكون هذا فرقًا مقبولًا له فوائد كبيرة.

التفكير عملية ينظم بها العقل تجاربه بطريقة جديدة.

الفرق بين الاختلاف والجدل والشقاق

يبقى الاختلاف اختلافًا مادام لا أحد يخرج عن آداب الاختلاف ، وفي حال أصر أحد الناس على رأيه ، وأصر على الدفاع عنه ، وأقنع الآخرين بتحويل الخلاف إلى جدال ، فعندئذ يُعرَّف الجدل في اللغة بأنه الجدال ومحاولة الانتصار عند الاختلاف أو التفاوض ، لذلك إذا اشتد الخلاف بين الناس وحاول كل شخص السيطرة على رأيه دون الحرص على معرفة الصواب من الخطأ ، فإن هذا يسمى انشقاق.

رأي العلماء في الاختلاف

وقد حذر العلماء من الخلاف بجميع أنواعه ، رغم الفوائد التي تعود عليه على الناس ، وأكدوا على تجنبه ، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: “الخلاف شر” ، والسبكي ، قال رحمه الله: إن الرحمة تقتضي عدم الاختلاف ، وكذا السنة النبوية خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم قالت: “إن الله تعالى قد فرض عليك الحج”. قال رجل: كل سنة؟ فسكت عن ذلك حتى كرره ثلاث مرات وقال: لو قلت نعم لأكلت ، وحتى لو أكلت ما فعلته لما تركتك ، لأن من كان قد هلك. ..