حكم الاحتجاج على المعاصي بمشيئة الله

بواسطة:
مارس 15, 2023 6:43 م

حكم الاحتجاج على المعاصي بمشيئة الله من الأحكام التي يتساءل عنها الإنسان ، فإن الإنسان بين الخطيئة والتوبة في حياته الدنيا ، وقد يكرر الخطيئة أكثر من مرة. فيرى أنها ليست بيده ، فيضعها على الوصية ، ولهذا سنتعرف في موقعنا على مفهوم مشيئة الله ، ثم الجواب على حكم الاحتجاج على الذنوب بإذن الله. ، وما حكم الاحتجاج على القدر عند حدوث مصائب ، وما هي حالات الاحتجاج على القدر ، وكل ذلك في هذا المقال.

مشيئة الله

تعددت الآيات التي ذُكرت فيها مشيئة الله ، ووضح معنى ذلك في قوله تعالى: إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُوفي قوله: فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ؛ أي: إن شاء الله تعالى شيئا قال له. كن وكن وكما يشاء سواء كان مكانًا أو وقتًا أو جسدًا ، فالله – تعالى – يفعل ما يشاء ولا يُسأل عما يفعل ؛ بل يكشف لعبيده إن شاء عن جزء من علمه وأفعاله وحكمته. حيث قال الله تعالى: وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَو هو صاحب كل شيء وخالقه. حيث أراد أن تكون هناك السماء والأرض والإنسان والجن والملائكة وخلق الكثير مما نعرفه ولا نعرفه ؛ وأراد أن يترك للإنسان حرية الاختيار في كل شيء سيحاسب عليه ؛ فنقول: “شاءوا” أي “شاءون” لإرادتهم في كل ما سيحاسبون عليه و “شاء” الله تعالى أن يضطرهم في بعض مصيره عليهم ، وكل قدر له هو. عليهم ولن يحاسبوا عليه من حيث الشكل والجنس والصحة والمرض ومكان وفاته ؛ كما في قوله تعالى: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ.

أما نطاق إرادة العبد ؛ لذلك قد يؤدي اختياره لأفعاله إلى المرض ؛ كالتدخين والزنى هنا يحاسب عليه وقد يؤدي إلى البركة وزيادة الحياة. كما صلة الأرحام ، وهو ما يسمى القدر المعلق: أي معلق باختيار الخادم وأفعاله ؛ وهذا ما جاء في قوله: يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِو لأنه شاء و شاء وهذا لا يؤثر على فعل العبد لأنه سر خفي وله علم مسبق به سبحانه.

حكم الاحتجاج على المعاصي بمشيئة الله

لا يجوز الاحتجاج على المعاصي بمشيئة اللهلما كان كثير من المذنبين يبررون تقصيرهم وذنوبهم وعصيانهم بأنه من عند الله وقد أمرهم سبحانه وتعالى عليهم فلا يلومون على ذلك ، فهذا غير صحيح بأي حال من الأحوال ، و وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: “ولا يجوز لأحد أن يحتج على ذنب اتفاق الإسلام ، وسائر أهل العالم ، وسائر العاقلين ؛ فلو كان هذا مقبولا لكان الجميع قادرين على فعل ما يظنه قتل النفوس وأخذ المال ، وكل أنواع الفساد الأخرى في الأرض ، والاحتجاج على القدر ، ونفس المحتج على القدر إذا اعتدى عليه ، و المعتدي احتج على القدر ، لم يقبله ، بل ناقضه ، وتناقض القول يدل على فساده “من المعروف أن استحضار القدر يفسد العقول في بدايتها” ، وقد دلت آيات كثيرة على تحريم الاحتجاج. مصير ارتكاب المعاصي أو ترك الطاعة ؛ ومن بين الأدلة الشرعية التي جاءت في هذا:

  • قال تعالى: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا ءَابَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَاحتج هؤلاء المشركون على شركهم بالقدر ، وحتى لو كان احتجاجهم مقبولاً وصحيحاً فإن الله لم يعاقبهم عليه.
  • قال تعالى: رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًافلو كان الاستئناف على القدر جائزًا ، لكانت حجة إرسال الرسل قد انقطعت ، لكن إرسال الرسل كان في الحقيقة عديم الجدوى.
  • قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ؛ كما أمر الله العبد ونهيه ، ولم يكلفه إلا ما استطاع ، قال: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَاأي أنه إذا أُجبر العبد على القيام بالأفعال ، لكان قد اتهم بشيء لا يستطيع التخلص منه ، وهذا غير صحيح ؛ لأنه إذا وقع الإثم بجهل أو إكراه. لا إثم عليه لأنه معاق ، فلو كان هذا الاحتجاج صحيحا لم يكن هناك فرق بين الخبيث والجاهل والفاعل المتعمد.

وعليه فإن القدر سر خفي لا يعرفه أحد من الخليقة إلا بعد حدوثه وإرادة العبد لما يفعله تسبق عمله ، لذا فإن إرادته في العمل لا تستند إلى معرفة قوة الله ، لذلك زعمه أن الله قد قدر عليه كذا وكذا هو ادعاء كاذب. لأنه ادعاء بعلم الغيب ، ولا يعلم الغيب إلا الله ، وقد يترتب عليه احتجاج المعاصي بإذن الله. الإخلال بالشريعة ، والحساب ، والجزاء ، والثواب ، والعقاب ، وهذا لا يحسب بأي حال.

صلاة التوبة والاستغفار من الذنوب والمعاصي مكتوبة

حكم الاحتجاج بالقدر عند المصائب

يجوز الاحتجاج بالقدر على المصائبوهذا كما أوضح العلماء من جهة العزاء والصبر. ليس لسخط على القدر ، بل يجب على الإنسان الصبر والاستسلام ، خاصة أنه لا يجوز الاحتجاج على قدر الذنوب والمعاصي إلا بالتوب عنها ، كما ذكرنا سابقًا ، وقد ذكر العلماء ذلك المراد. أن يكون الاحتجاج عندما تكون المصائب ناتجة عن بلاء جسيم في حياة الإنسان ، يصله إلى الاستسلام للحكم والقدر بعد ذلك ، ومما ورد في موضوع الاحتجاج عند المعاناة ، والذي ورد في السنة مرات عديدة عند احتجاج موسى عليهما. آدم وهذا ما ذكره شيخ الإسلام قال ابن تيمية في الصحيح منها:

“عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: احْتَجَّ آدَم وَمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى: أَنْتَ آدَم الَّذِي خَلَقَك اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيك مِنْ رُوحِهِ وَأَسْجَدَ لَك مَلَائِكَتَهُ، وَعَلَّمَك أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، فَلِمَاذَا أَخْرَجْتنَا وَنَفْسَك مِنْ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ آدَم: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاك اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلَامِهِ، فَهَلْ وَجَدْت ذَلِكَ مَكْتُوبًا عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَحَجَّ آدَم مُوسَى وَآدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَحْتَجَّ عَلَى مُوسَى بِالْقَدَرِ ظَنًّا أَنَّ الْمُذْنِبَ يَحْتَجُّ بِالْقَدَرِ، فَإِنَّ هَذَا لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ وَلَا عَاقِلٌ، وَلَوْ كَانَ هَذَا عُذْرًا لَكَانَ عُذْرًا لَإِبْلِيسَ، وَقَوْمِ نُوحٍ، وَقَوْمِ هُودٍ، وَكُلِّ كَافِرٍ، وَلَا مُوسَى لَامَ آدَمَ أَيْضًا لِأَجْلِ الذَّنْبِ، فَإِنَّ آدَمَ قَدْ تَابَ إلَى رَبِّهِ فَاجْتَبَاهُ وَهَدَى، وَلَكِنْ لَامَهُ لِأَجْلِ الْمُصِيبَةِ الَّتِي لَحِقَتْهُمْ بِالْخَطِيئَةِ، وَلِهَذَا قَالَ: فَلِمَاذَا أَخْرَجْتنَا وَنَفْسَك مِنْ الْجَنَّةِ؟ فَأَجَابَهُ آدَم أَنَّ هَذَا كَانَ مَكْتُوبًا قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ، فَكَانَ الْعَمَلُ وَالْمُصِيبَةُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَيْهِ مُقَدَّرًا، وَمَا قُدِّرَ مِنْ الْمَصَائِبِ يَجِبُ الِاسْتِسْلَامُ لَهُ، فَإِنَّهُ مِنْ تَمَامِ الرِّضَا بِاَللَّهِ رَبًّا، وَأَمَّا الذُّنُوبُ: فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُذْنِبَ، وَإِذَا أَذْنَبَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَغْفِرَ وَيَتُوبَ، فَيَتُوبُ مِنْ الْمَعَائِبِ وَيَصْبِرُ عَلَى الْمَصَائِبِ”.

وعليه لا يجب تسليم قدر من المصائب ؛ لأن الرضا التام بالله الرب ، أما الذنوب فلا يخطئ أحد ، وإن أخطأ فعليه أن يستغفر ويتوب فيتوب عن ذنوبه ويصبر على مصيره.

ما هي أركان الإيمان؟

حالات الاحتجاج بالقدر

وسبق أن ذكرنا أن الاحتجاج على القدر بارتكاب المعاصي التي لا تجوز شرعا ، ولكن العلماء حصروا بعض حالات الاحتجاج على القدر ، وهي كالتالي:

  • الأولى الجواز: لذلك يجوز للإنسان أن يترافع بالقدر في المصائب لا في المصائب ، وهذا يعني أنه إذا مرض الإنسان أو أصابه مصائب لا يختارها ، فعليه أن يتوسل بإذن الله ويقول. : “إن شاء الله ما يشاء” ، وأن يصبر ، ويقتنع إن استطاع ذلك ، لينال أجر المريض ؛ كما في قوله تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ.
  • الثانية عدم الجواز: لذلك لا يجوز للإنسان أن يعترض على قدر الذنوب والمعاصي ، ويترك الواجبات بقوله: هذا ما قدر الله ؛ لأن الله يأمر بالطاعة ، ويجنب المعاصي ، ويأمر بالفعل ، وينهى عن التعويل على القدر بأي حال ،
    حتى لو كان القدر دليلاً على أحد ، لما عذب الله من كذب على الرسل ؛ مثل قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم ، ولم يأمر بوضع حدود على المعتدين ، ولم يشرع أمر الخير ، ونهى عن المنكر.

وهكذا وصلنا إلى نهاية المقال حكم الاحتجاج على المعاصي بمشيئة اللهوشرحنا الحكم الشرعي في ذلك ، وذكرنا في بداية المقال مفهوم مشيئة الله ، ثم علمنا بحكم الاحتجاج على القدر على المصائب ، ثم حالات الاحتجاج على القدر.