خسائر هائلة لشركة ميتا بربع تريليون دولار ما هي علاقة الصين بانهيار اسهم ميتا. اعلنت شركة ميتا عملاق التواصل الاجتماعي يوم 2 فبراير الشركة الام لفيسبوك عن تقرير ارباحها. الذي كشف عن ارقام مخيبة للامال. واثار مخاوف المستثمرين حول مستقبل الشركة والمنافسة الرهيبة التي تواجهها. وبعد صدور التقرير انهار سهم ميتا وتراجع بنسبة 26.6% بعد 48 ساعة من صدور التقرير. وادى هذا الانهيار لمحو اكثر من ربع تريليون دولار من القيمة السوقية للشركة . ونحن نتكلم عن اكبر خسارة سوقية لشركة امريكية في التاريخ . وهو اسوء يوم تداول لميتا ما سبب خسائر هائلة لشركة ميتا منذ ادراجها في البورصة سنة 2012. فما الذي يحدث بالضبط لشركة ميتا. ولماذا هذا السقوط رغم ان الشركة حققت ايرادات قدرت ب 118 مليار دولار في عام 2021. وما علاقة الصين بالانهيار سنجيب على كل هذه الاسئلة في مقالنا.
عن شركة ميتا :
منذ نشأت شركة فيسبوك وهناك دائما مسار نمو لاعداد المستخدمين في جميع انحاء العالم. وكان المستثمرين دائما واثقين من قدرت الشركة على جذب المزيد من المستخدمين الجدد. لكن في السنوات الاخيرة توقف النمو في اوروبا و الولايات المتحدة الامريكية. تحديدا هذا لم يكن واضحا بسبب ارتفاع المستخدمين من باقي دول العالم. ولم تعترف شركة ميتا رسميا بتوقف نمو المستخدمين في فيسبوك .
الى ان رأينا الوثائق المسربة السنة الماضية التي كشفت قلق فيسبوك من ابتعاد المستخدمين الاصغر سنا عن المنصة. لكن بعد صدور بيانات تقرير الارباح الصادرة منذ ايام اضطرت شركة ميتا لاول مرة عن تراجع في قاعدة مستخدميها. وفقا لتقرير ارباح الشركة عدد المستخدمين النشطين يوميا في الربع الرابع لعام 2021 انخفض لمليار تسعمئة تسعة وعشرون مليون مستخدم . مقارنة ب مليار تسعمئة وثلاثين مليون مستخدم في الربع الثالث لنفس السنة اما عدد المستخدمين النشطين شهريا فبقيت ثابتة عند 2مليار 910مليون مستخدم وهذا اقل من التقديرات التي كانت 3مليار مستخدم يعتبر هذا اول انخفاض من نوعه في تاريخ الشركة .
اذا ماهي المشكلة التي تواجه ميتا هنا ؟
المشكلة هنا ان هناك اجماع بأن التطبيق الاساسي الذي هو فيسبوك قد وصل ذروته و نمو المستخدمين وصل للحد الاقصى وهذا ادى الى ايرادات اقل اذا ماسبب تراجع نمو المستخدمين ؟ هنا بالنسبة للمستخدمين الاكبر سنا فيبدو ان فضائح الخصوصية اثرت على علاقتهم مع التطبيق. وهذا اعطاهم حافز للابتعاد عنه. لكن الاكيد بالنسبة للمراهقين و الشباب فهم يتركون فيسبوك ويتجهون لمنصة اخرى وهذا هو الكابوس الذي كان يطارد مارك زوكربيرغ. وهاته المنصة هي تيك توك التطبيق المدعوم من الصين التابع لشركة Byte Dance الصينية. في تقرير ارباح ميتا ذكر ان ميتا تواجه منافسة شرسة من تيك توك التي تستمر في النمو بشكل سريع جدا في اغسطس 2020. استنسخت ميتا نسخة من تيك تو عن طريق اطلاق انسغرام ريلز.
من اجل مواجهة تيك توك رغم عدم كشف ميتا لارقام الاستخدام الحقيقي لريلز لكن الابحاث الخارجية تظهر تخلف ميتا عن تيك توك بفارق كبير في مجال المستخدمين الاصغر سننا . تيك توك هو التطبيق الاكثر تحميلا في سنة 2021 عدد مستخدميه تجاوز مليار مستخدم شهريا ومتفوق على انستغرام حتى في الولايات المتحدة عام 2021 وصل تيك توك الى 63% من الامريكيين الذين تتراوح اعمارهم بين 12-17 سنة بزيادة قدرت ب 50% عن العام الذي قبله.
عكس انسغرام الذي انخفض من 61% الى 57% في نفس الفترة . لهذا يرى المحللين ان التصور السلبي العام لفيسبوك و انستغرام يعيق قدرتهم على جذب مستخدمين جدد اصغر سنا رغم ان خاصية الريلز حاليا في انستغرام تعتبر المحرك الاول للتفاعل . الا ان الشركة تواجه مشكلة عدم قدرتها تحقيق ارباح من اعلانات الريلز بنفس فعالية باقي الميزات حاليا القيمة السوقية لتيك توك تقدر ب75مليار دولار فلماذا لا تقوم ميتا بالاستحواذ عليها. هذا راجع ببساطة لانو ميتا كل مرة تواجه تحقيقات لمكافحة الاحتكار من لجنة التجارة الفديرالية و يضعظ المشرعين لتمرير قانون مكافحة الاحتكار. وهذا ما قفل طريق الاستحواذ امام شركة ميتا لذا ستبقا تيك توك كالشوكة في حلق ميتا.
مشاكل اخرى للشركة :
لكن احتدام المنافسة و تراجع نمو المستخدمين ليست الاسباب الوحيدة لتراجع ايرادات ميتا فتوجد جبهة اخرى تواجه ميتا. وهي ابل في شهر ابريل 2021. قامت ابل بتحديث لشفافية تتبع التطبيقات لنظام تشغيل الهواتف المحمولة الخاصة بها وهذا اعطى مالكي الايفون خيار اذا ما يسمحو لتطبيقات مثل فيسبوك بمراقبة انشطنهم عبر الانترنت . و طبعا اختار اغلب المستخدمين عدم مشاركة بيناتهم هذا يعني بيانات اقل عند فيسبوك. بالتالي استهداف الاعلانات طريقة كسب الشركة الوحيدة اصبحت اكثر صعوبة. على غرار ان مستخدمي الايفون سوق مربح لمعلني فيسبوك اكثر من مستخدمي الاندرويد لان مستخدمي الايفون عادة انفاقهم على المنتجات المقدمة لهم اكبر من مستخدمي الاندويد. لهذا شركة ميتا اعلنت في تقرير الارباح عن رقم الخسائر التي ستسببها ابل بعد هذه التغييرات وهو 10مليار دولار من العائدات المفترض ان تحققها ميتا سنويا.
وصرح ديفد وينر بعد صدور تقرير الارباح ان تغييرات ابل اعطت المعلنين رؤية اقل لسلوكيات المستخدم. وبالتالي بدأ الكثير منهم بتحويل ميزانياتهم الاعلانية لمنصات اخرى.
قررارات وحلول من الشركة :
ولهذا قرر مارك زوكربيرغ الاستثمار في مجال الواقع الافتراضي او كما يعرف بالميتافيرس . لدرجة انه غير اسم الشركة من فيسبوك ل ميتا اواخر اكتوبر الماضي. لكن كان لهذا الاستثمار تاثير سلبي على المستثمرين لانه يصرف بجنون لبناء عالم الميتافيرس. حيث صرف العام المنصرم فقط 10مليار دولار. ويتوقع مارك ان هذا المبلغ سيرتفع اكثر مستقبلا وما يسبب القلق هو انه لا يوجد ضمان على ان هاته الاستثمارات الضخمة في ميتافيرس ستاتي ثمارها. فنحن نتكلم عن عالم لا يزال غامض ويحتاج سنوات للنمو و التطور. لهذا يطلب مارك دائما من المستخدمين و المستثمرين ان يثقو في نظرته لمستقبل الانترنت المستقبل الذي سيكون افتار و عوالم تجمع الواقع المعزز و الواقع الافتراضي . لكن هذا سيكلف الشركة مليارات الدولارات في السنوات القادمة.
لكل الاسباب السابقة سببت خسائر هائلة لشركة ميتا 252 مليار دولار من قيمتها السوقية. وخسر مارك زوكربيرغ 30مليار دولار من حصته في الشركة باعتباره اكبر مساهم فردي فيها لامتلاكه اكثر من 14% من اسهم الشركة. فهل تعتقد انه ممكن ان ياتي يوم وتنهار فيه امبراطورية ميتا ام ستكبر اكثر.
اقرأ ايضا